فى رحاب آيات الصيام

فى رحاب آيات الصيام

توطئة

الحمد
لله الذي منّ علينا بمواسم الخيرات، وخصّ شهر رمضان بالفضل والتشريف والبركات، وحثّ
فيه على عمل الطاعات، والإكثار من القربات، أحمده سبحانه على نعمه الوافرة؛ وأشكره
على آلائه المُتكاثرة.
وأصلي وأسلم على أفضل من صلى وصام، وأشرف من تهجّد وقام،
وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه البررة الكرام، والتابعين ومن تبعهم
بإحسان ما تعاقب النور والظلام، أما بعد:

فإن الله تعإلى هيأ لنا من
المناسبات العظيمة، التي تصقُلُ الإيمان في القلوب، وتُحرّك المشاعر الفيّاضة في
النفوس
فتمرّ الأيام وتمضي الشهور، ويحلّ بنا هذا الموسم الكريم، وهذا الشهر
العظيم، هذا الوافد الحبيب، والضيف العزيز، وذلك من فضل الله سبحانه على هذه
الأمة

إنه المنهل العذب، والحمى الأمين والحصن الحصين
للطائعين

والفرصة التى لا تُعوّض للمذنبين المفرّطين

ليجددوا التوبة
من ذنوبهم، ويسطّروا صفحة جديدة بيضاء ناصعة في حياتهم ، مفعمة بفضائل الأعمال
ومحاسن الفعال، ومكارم الخصال.

وان كان الأفراد والأمم محتاجين إلى
فترات من الصفاء والراحة؛ لتجديد معالم الإيمان، وإصلاح ما فسد من أحوال، وعلاج ما
جدّ من أدواء

فإن شهر رمضان المبارك هو الفترة الروحية التي تجد فيها هذه
الأمة فرصة لإصلاح أوضاعها، ومراجعة تاريخها، وإعادة أمجادها

فما أحوجنا
لهذه المحطة لنعبىء فيها القُوى الروحية والخُلُقية!!

وما أحوجنا لتلك
المدرسة لنجدد الإيمان، ونهذب الأخلاق، ونشحذ الأرواح، ونصلح النفوس، ونضبط
الغرائز، ونكبح الشهوات !! (*)

فهيا إخوة الايمان نعد العدة لاستقبال هذا
الشهر الكريم

فنحيا فى رحاب آيات الصيام تفسيرا واستخلاصا
للفوائد لندرك حقيقة الصوم وأسراره، ونتعلم من آدابه وأحكامه

عسى ذلك
يكون خطوة للقيام بتلك العبادة الجليلة كما يحب ربنا ويرضى

نسأل الله ان
يبلغنا رمضان . اللهم آمين

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
وسلم
________________________

• اقتباسا من مقال كيف نستقبل رمضان للشيخ
عبد الرحمن السديس حفظه الله

هذه تفاسير وفوائد منتقاة من
تفسير ( السعدى – الطبرى – البغوى – ابن كثير – ابن عثيمين – التحرير والتنوير –
الميسر ) اسأل الله ان ينفعنى واياكم به .. اللهم آمين

فى رحاب الاية الاولى من ايات الصيام

)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
(البقرة:183)

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه

(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ) فرض الله عليكم التعبد لله تعالى
بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس

(كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) كما فرضه على
الأمم قبلكم

(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ربكم,
فتجعلون بينكم وبين المعاصي وقاية بطاعته وعبادته وحده

[الفوائد

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ
)

• أهمية الصيام؛ لأن الله تعالى صدره بالنداء؛ وأنه من مقتضيات
الإيمان؛ لأنه وجه الخطاب إلى المؤمنين؛ وأنّ تركه مخل بالإيمان.

• فرضية
الصيام؛ لقوله تعالى: { كتب }.

( كَمَا كُتِبَ عَلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ )

• فرض الصيام على من قبلنا من الأمم
.

• تسلية الإنسان بما ألزم به غيره ليهون عليه القيام به

• فيه
تنشيط لهذه الأمة, بأنه ينبغي لكم أن تنافسوا غيركم في تكميل الأعمال, والمسارعة
إلى صالح الخصال

• استكمال هذه الأمة لفضائل من سبقها، حيث كتب الله عليها
ما كتب على من قبلها لتترقى إلى درجة الكمال كما ترقى إليها من سبقها.

(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )

• ليس الصيام في الإسلام
لتعذيب النفس لذاته بل لتربيتها وتزكيتها .

• الحكمة في إيجاب الصيام؛ وهي
تقوى الله وما جاء سوى ذلك من مصالح بدنية، أو مصالح اجتماعية، فإنها تبع.

•
فضل التقوى، وأنه ينبغي سلوك الأسباب الموصلة إليها؛ لأن الله أوجب الصيام لهذه
الغاية

• من التقوى أن يترك الصائم ما حرم الله عليه من الأكل والشرب
والجماع ونحوها, التي تميل إليها نفسه, متقربا بذلك إلى الله, راجيا بتركها,
ثوابه.

• من التقوى أن يدرب الصائم نفسه على مراقبة الله تعالى, فيترك ما
تهوى نفسه, مع قدرته عليه, لعلمه باطلاع الله عليه .

• الصيام يضيق مجاري
الشيطان, فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم, فبالصيام, يضعف نفوذه, وتقل منه
المعاصي

• الصائم في الغالب, تكثر طاعته, والطاعات من خصال التقوى

•
من التقوى أن يذوق الغني ألم الجوع, مما يوجب له مواساة الفقراء المعدمين

•
من لم يصم بالنية وقصد القربة لا ترجى له هذه الملكة في التقوى .

• اعتبار
الذرائع؛ يعني ما كان ذريعة إلى الشيء فإن له حكم ذلك الشيء؛ فلما كانت التقوى
واجبة كانت وسائلها واجبة؛ ولهذا يجب على الإنسان الابتعاد عن مواطن
الفتن

فى رحاب الاية الثانية من ايات
الصيام

( أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ
مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى
الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً
فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
(البقرة:184)

" فمن كان منكم مريضًا ": من
كان منكم مريضًا، ممن كلِّف صَومه

" أو على سفر" :
أو كان صحيحًا غير مريض وكان على سَفر

" فعدة من
أيام أخر " : أى فعليه صوم عدة الأيام التي أفطرها في مرضه أو في
سفره

" من أيام أخر " : أى: من أيام أخر غير أيام
مرضه أو سفره.

" وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين
": فكان من شاء صامَ, ومن شاء أفطر وأطعمَ مسكينًا.ثم نسخت الاية وتعين
الصيام وبقيت الرخصة للشيخ الكبير والمريض مرضا مزمنا ممن لا يستطيعان أن يصوما
فيطعما مكان كل يوم مسكينا

" وأنْ تَصوموا ": ما كتب
عليكم من شهر رمضان

" فهو خير لكم " من أن تفطروه
وتفتدوا

" إن كنتم تعلمون " إن كنتم تعلمون خيرَ
الأمرين لكم أيها الذين آمنوا، من الإفطار والفدية، أو الصوم على ما أمركم الله
به.

الفوائد

(
أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ )

• الصوم أيامه قليلة في غاية السهولة. ؛
لقوله تعالى: { أياماً معدودات ].

• التعبير بكلمات يكون بها تهوين الأمر
على المخاطب ؛ لقوله تعالى: { أياماً معدودات }.

• رحمة الله عز وجل بعباده؛
لقلة الأيام التي فرض عليهم صيامها.

( فَمَنْ كَانَ
مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
)• المشقة تجلب التيسير؛ لقوله تعالى: { فمن كان منكم مريضاً أو
على سفر فعدة من أيام أخر }؛ لأن المرض، والسفر مظنة المشقة.

• جواز الفطر
للمرض

• جواز الفطر في السفر؛ لقوله تعالى: { أو على سفر فعدة من أيام أخر
}

• السفر الذي يباح فيه الفطر غير مقيد بزمن، ولا مسافة؛ لإطلاق السفر في
الآية.

• لما كان لا بد من حصول مصلحة الصيام لكل مؤمن, أمرهما أن يقضياه في
أيام أخر إذا زال المرض, وانقضى السفر, وحصلت الراحة.

• في قوله: (
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ ) فيه دليل على أنه يقضي عدد أيام رمضان, كاملا كان, أو
ناقصا .

• لو صام عن أيام الصيف أيام الشتاء فإنه يجزئ؛ لقوله تعالى: { فعدة
من أيام أخر وجهه: أن { أيام } نكرة.

( وَعَلَى
الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً
فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ )

• حكمة الله سبحانه وتعالى في التدرج
بالتشريع، حيث كان الصيام أول الأمر يخير فيه الإنسان بين أن يصوم، ويطعم؛ ثم تعين
الصيام

• يرجع في الإطعام في كيفيته ونوعه إلى العرف؛ لأن الله تعالى أطلق
ذلك؛ والحكم المطلق إذا لم يكن له حقيقة شرعية يرجع فيه إلى العرف.

• طاعة
الله ــــ تبارك وتعالى ــــ كلها خير؛ لقوله تعالى: { فمن تطوع خيراً فهو خير
له

( وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ )

• ثبوت تفاضل الأعمال؛ لقوله تعالى: { وأن تصوموا خير
لكم }؛ وتفاضل الأعمال يستلزم تفاضل العامل

• التنبيه على فضل العلم؛ لقوله
تعالى: { إن كنتم تعلمون }

جزاك الله خيرا

» في رحاب رمضان (1)
» في رحاب رمضان( 2)
» فى رحاب اية (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ) ..!
» الاعجاز العلمي في الصيام
» الصيام في شهر رجب