سورة المرسلات

سورة المرسلات

.........

سورة المرسلات لتأكيد حقيقة البعث الذي ينكره المعاندين المكذبين , إنكار عناد لا جهل , وقد أثبته الله عز وجل في السورة بالقسم , ثم بحقيقة خلق الإنسان , ثم الأرض وما عليها , وكذلك هلاك الأمم السابقة .

وقد ذكر المفسرين أن أدلة البعث في القرآن هي :

1- كمال قدرة الله عز وجل , وتتجلى في خلقه .

2- الخلق الأول دليل على الثاني " الإعادة " .

3- خلق الأعلى دليل على خلق الأدنى ودليل على القدرة على إعادتهما .

4- نبات الأرض حقيقة مشاهدة تدل عليه.

5- الأمم السابقة وما حل بهم .

هل ماورد في الآيات غريب على الإنسان ؟

الرياح , وما خلق منه الإنسان , الأرض , والجبال !

ليس بغريب !

إذن هو دليل قطعي على غباء وعناد الكفار .

- كم مرة تكررت ( ويل يومئذ للمكذبين ) ؟

عشر مرات , وفي ذلك تناسب بين كثرة تكذيبهم , وكثرة وعيد الله لهم , ومع ذلك لم ينفع فيهم إنذار ولا تخويف .

- ( فإذا النجوم طمست ) وما بعدها من الآيات تصف فناء الكون , ومشاهدة الإنسان لعملية الفناء , وهذا من أهوال يوم القيامة ,

ترى كم تساوي شدة هذه الأحداث أمام أي شدة من شدائد الدنيا وأحداثها التي قد تقع فيغشى على الإنسان أو يموت من هولها !

- ( ألم نهلك الأولين ) هلاك الأمم السابقة ثابت شرعا وعقلا , وصورته ماثلة في الحس والعقل, ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون ) [ الصافات : 137-138] فمن مشاهد لهم عيانا, ومن مشاهد لهم صورا في جميع وسائل الصور الحديثة , ومن مشاهد لهم خبرا , فلم لا يتعظ المكذب ؟؟!!

- ( ألم نخلقكم من ماء مهين ) همزة استفهام تقريرية , ليس للإنسان أمامها إلا إجابة واحدة بلى! إذن خلق الإنسان ومراحله التي يمر بها , هل يعقل أن هذه الأحداث فيها تحدث دون هدف محدد لها ؟

هل يعقل أن الإنسان خلق سدى , دون هدف , دون مرجع أو مصير ؟! ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) [ المؤمنون : 115]

إذن خلق الإنسان دليل على قدرة الله , الذي خلقه لهدف معين هو عبادته , ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) [ الذاريات : 56] , وجعل له مصيرا محددا يوم القيامة .

ومن لا يحقق الهدف الذي خلق من أجله , فلن ينال ثمرة الهدف لا في الدنيا ولا في الآخرة .

( انطلقوا .............. ) بعد الحبس للفصل والحساب يكون الانطلاق , لكن إلى أين ؟! الوقوف في الفصل والحساب وشدته , خير للظالمين مما هم منطلقون إليه , ولا خيار لهم , فالانطلاق يوحي بسرعة التوجه , وعادة يفعله المقدم على ما يحب أو يشتهي الحصول عليه , أما هم فانطلاقهم انطلاق جبر لا اختيار فيه , إلى ما لا يريدون , إلى مالا يتمنون , إلى ما يكرهون ولا خيار لهم .

( إلى ظل ذي ثلاث شعب * لا ظليل ولا يغني من اللهب ) لماذا سمي ظلا وهو لا يغنيهم من اللهب , ولا يظلهم ؟

سخرية وتحقيرا لهم ,

زيادة في عذابهم حيث يكون من جنس ما يتمنون - وهيهات لهم - .

( إنها ترمي بشرر كالقصر ) عدم ذكر النار هنا باسمها الصريح يعني أنكم تعرفونها , ولا داعي لذكر اسمها , فهي التي عرفتموها ولم تجنبوا أنفسكم عذابها ,

ووصف لهم شررها بأنه كالقصر , فكيف بلهيبها ؟

كيف وقودها ؟

كم مقدار شدة حرارتها ؟

كيف هي ؟! نسأل الله أن يجيرنا منها .

( هذا يوم لا ينطقون ) محرومون من النطق , الذي هو نعمة تفضل الله بها عليهم في الدنيا ليشكروه عليها بأن ينطقوا بها بما يرضيه – ولم يفعلوا - .

محرومون من التعبير عما يريدون ,

محرومون من التنفيس بالكلام عن أنفسهم ,

وما أشده من عذاب نفسي فوق العذاب الجسدي .

ترى ما الذي نتخيله من حالهم من سبب عدم النطق ؟

صمت عقاب !

صمت كبت واحتقار !

صمت ذل وهوان !

صمت ..........

هذا الصمت كله مجتمعا عليهم , وما أشده من عذاب في صمتهم ؟

- ( ولا يؤذن لهم فيعتذرون ) النفس البشرية إذا أخطأت ترتاح إذا اعتذرت – ولو لم يقبل عذرها- وإذا منعت من الاعتذار تعيش في حسرة وندامة وقهر وألم نفسي , وتشعر بالذل والمهانة, وما أقساه من عذاب على النفس .

- ( فإن كان لكم كيد فكيدون ) سماح لهم , ومع ذلك لا قدرة لهم على شيء , وهذا أيضا من العذاب , أن يواجه الإنسان بما لا يستطيعه تحديا له , فيقهر ويتعذب من هذا السماح , ويحتقر نفسه التي كانت في حال الإمكان غافلة لاهية معرضة , وهي الآن في حال عدم الإمكان حقيرة ذليلة عاجزة تمام العجز .

· كل ما ورد فيما سبق يصف لنا مشهد توبيخ الكفار يوم القيامة , وهو أشد على النفس من عذاب الجسد الذي يقاسونه .

- ( إن المتقين في ظلال .. ) و ( ظل ذي ثلاث شعب ...) شتان بين ظل وظل !

- ( كلوا واشربوا هنيئا .... ) و ( كلوا وتمتعوا قليلا ) شتان بين دعوة تكريم ودعوة تهديد وتحقير ,

وشتان بين نعيم دائم سرمدي , ومتعة وهم زائلة بعد أن تعقب حسرة لا فكاك منها .

- ( وإذا قيل لهم اركعوا ..) دليل على أهمية الصلاة من بين سائر العبادات ,

ودليل على أن الدين الإسلامي يقوم على الطاعة لرب العباد , بتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه .

بارك الله فيكى

» تفسير سورة لقمان ,,,
» تفسير سورة النازعات
» سورة الفاتحه
» فضل سورة الفاتحه
» سورة الاخلاص